محمود سعيد برغش
في امتحان الشهادة الإعدادية بمحافظة البحيرة، ورد سؤال أثار الدهشة والاستياء معًا: "اكتب جمع كلمة (عار)". ولعل القارئ يتساءل كما تساءل كثيرون: متى يكتمل نصاب الجمع لهذه الكلمة؟ وعند أي حد من العار المفرد يصبح بعدها جمعًا؟ ثم ما حاجة الطالب إلى معرفة جمعها، وفيما سيستخدمه طوال عمره؟
إن قيل إن جمعها "أعيار" أو "أعوار"، فليتفضل واضع السؤال ويستخدم جمعها في جملة مفيدة ونافعة! وهل سيضيف هذا الجمع إلى ثروة الطالب اللغوية ما يعينه على التعبير أو التفكير؟ الواقع يقول: لا.
في اللغة العربية، توجد كلمات لا تُجمع، أو مفردها هو جمعها، كالماء والنار. فالكوب فيه ماء، والبحر فيه ماء. عود الثقاب نار، والحريق الهائل نار أيضًا. وكذلك العار… عارٌ إن بدر من فرد، وعارٌ إن بدر من جماعة.
اللغة العربية ليست فخاخًا تُنصب للطالب، بل هي تذوق وجمال، بلاغة وإحساس. نحن لا نمتحن الطالب لنفقده ثقته بنفسه، أو لنستعرض عضلاتنا العلمية كأساتذة. نحن نمتحنه لنعرف ما عَلِم، لا ما جَهِل. لكن سؤالًا كهذا لم يُظهر جهله، بل أعجزه، وأورثه سخطًا على اللغة ومنهجها، بل وعلى المنظومة التعليمية بأسرها.
ما يحدث هو "العار" الحقيقي، حين تصبح الامتحانات وسيلة لإرباك العقول لا بنائها، وحين تتحول اللغة من جسر للفهم إلى حاجز للتفتيش.
اللغة العربية أمانة في أعناقنا، لا مجرد مادة دراسية. فلنُعد إليها روحها، ولنعلم أبناءنا كيف يُحبونها قبل أن نطالبهم بإعرابها.