حسام عيسى
باحث فى العلوم السياسية و العلاقات الدولية
من أجل فهم علمي أعمق لثورة 30 يونيو 2013م، علينا إدراك أسباب هذه الثورة.
مرت مصر بسنوات عديدة من الاحتلال كان اخرها الاحتلال الإنجليزي على مصر، وكانت ثورة 23 يوليو 1952م، هو استقلال مصر من المحتل الإنجليزي والاسرة المالكة، ثم خاضت مصر عددا من الحروب لتحرير أراضيها من العدوان الثلاثي 1956م، وحرب 1967م، وحرب الاستنذاف 1970م، وحرب 1973م، الى ان تمت اتفاقية السلام مع اسرائيل في 1979م، حيث استنذفت تلك الحروب موارد مصر وثرواتها، وبدأت مصر التنمية منذ عهد الرئيس حسنى مبارك، حيث اتخذ النظام السياسي مدخل النخب في إدارة البلاد، والمتمثلة في حكومة تكنوقراطة اى حكومة متخصص في النواحي العلمية والعملية، بالإضافة الى نخب اعضاء النواب والشيوخ في الرقابة والتشريع، حيث كان على تلك النخب ان تدير البلاد من خلال شفافية القرار وتوصيل متطلبات الشعب الى الحكومة من اجل تلبية متطلباتهم، كما تقوم النخب بتوعية الشعب بالتحديات والإمكانات المتاحة لدى صانع القرار، و لكن لم تستطع تلك النخب في ربط المجتمع بالنظام السياسي والتنفيذي للبلاد، مما خلق تباعد وانشقاق بين النظام الاجتماعي والنظام السياسي، الذي أدى الى عدم استقرار بالأوضاع الاقتصادية والسياسية للبلاد، استغلت القوى المعادية لمصر تلك الفجوة وتباعد الشعب عن النظام السياسي، مما أدى الى ثورة 25 يناير 2011م، بمساعدة بعض العناصر المأجورة من حقوقيين ونشطاء، بالإضافة الى شباب عاشق للوطن يريد الأفضل للبلاد هؤلاء الشباب ضحوا بارواحهم من اجل حياة كريمة وعادلة للشعب المصري، واستغلت الاجماعات الإرهابية تلك الظروف والتي كانت اكثر تنظيما في المجتمع المصري، مما اسفر عن حكم البلاد، ولكن استفاق المجتمع المصري على جماعة إرهابية تمحو الهوية الشخصية للإنسان المصرى، مما دفع الشعب المصري الى ثورة بها جميع الاطياف من اجل استعادة الهوية الشخصية المصرية، وكانت ثورة 30 يونيو 2013م، رمز الى استعادة وطن من الجماعات الإرهابية، والتي كان يمولها ويؤيدها السياسة الخارجية الامريكية، التي تسعى الى إقامة دولة مصرية تقوم على الصراعات الداخلية، من اجل بسط نفوذها السياسي والسيطرة على ثروات البلاد من غاز في البحر المتوسط ومن السيطرة على قناة السويس، احد اهم الممرات المائية في العام، ولكن استطاع المواطن المصري بحسة الفطري ان يوقف مخططات الدولة المهيمنة عالميا، ويحمي مؤسسات الدولة من جيش وشرطة وممتلاكات الدولة، فكانت على تلك المؤسسات ان تستجيب الى مطالب شعبها في ان تزيل حكم الجماعات الإرهابية، وكان يوم التفويض 26 يوليو 2013م، هو تأكيد على إرادة شعب قادر ان يحمي مؤسساتة الوطنية وان يمحي تلك الجماعات من النسيج المصري.
و لكن مازالت التحديات قائمة على الدولة المصرية، و ان هدف المهيمن العالمي السيطرة على ثروات البلاد من اجل بقائة مهيمن على العالم، لذا على كل مواطن عاشق للوطن ان يحمي الهوية الجماعية للدولة المصرية، و علية ان يتلاحم مع نظامة السياسي من اجل حرية البلاد و حرية الفرد .
إن بناء الجمهورية الجديدة هو أمر واجب على كل مصري عاشق للوطن، إن الجمهورية الجديدة هى مصر المستقبل التى نسعى لبنائها معًا من أجل حياة أفضل لنا ولمن بعدنا، لذا وجب على كل مواطن الالتزام بواجبات لا بد من أن يدركها كى يستطيع أن يحقق حلم الحياة الأفضل؛ لذا وجب على المواطن معرفة وإدراك مسؤلياتة تجاه الوطن _ ومن أهم المعلومات الأتي:
تفرض البيئة الدولية صراعات اقتصادية وسعى الدول للحصول على القوة العسكرية والاقتصادية، وأدى ذلك إلى خلق تفاعلات أكثر توترًا بين الدول، مما يؤثر على عدم الاستدامة فى التنمية والقدرة على تحقيق ما تصبو المجتمعات إليه، وخاصة فى الدول الناشئة التى تتأثر بشكل كبير بصراعات التي بين الدول العظمى، وهذا ما تقذفه الآن البيئة الدولية من صراع روسى مع أوكرانيا عسكرى وعلى جانب آخر صراع اقتصادى بين الولايات المتحدة والصين، والدول الكبرى تتحالف مع الصين أو الولايات المتحدة، بالأضافة إلى التواجد الأمريكي في دول الخليج العربي في سعيها إلى أبقائها المهيمن العالمي.
إن تلك المؤثرات والصراعات فرضت على الفرد والمجتمع مسؤوليات إضافية لم تكن متواجدة قبل ذلك، حيث أصبح على الفرد والمجتمع التصدى لحماية الدولة من تلك المؤثرات والصراعات التى تعصف بالدول، جيث لا تقدر النظم السياسية (الحكومة) وحدها حماية الدولة وبقائها، مثل ما حدث فى الصومال وليبيا واليمن والعراق والسودان وسوريا ولبنان وأوكرانيا، وأنه عندما تسقط الدول لا تستطيع أن تقف مرة أخرى، وفيها يشرد الفرد والمجتمع وهو المتضرر الأول والأخير، بينما النخب ورجال الأعمال يذهبون.
إن حرية الدولة هي الهدف القومي؛ أى أن حرية الفرد تأتى من حرية الدولة وعندما تسقط حرية الدولة تسقط حرية الفرد؛ لذا على الفرد أولًا الحصول على حماية حرية الدولة لكى يستطيع أن يحصل على حريته، وحتى يستطيع الفرد بناء هوية جماعية تكون سمة رئيسية للدولة على الفرد أولًا بناء هويته الشخصية من خلال الثقافة والمعرفة والإيمان بالذات وبالآخرين، إن هوية الفرد تتكون من عدد متراكم من الهويات السابقة لتخرج لنا هوية مجمعة تشمل كل هذه الهويات وتستطيع أن تتواكب مع الحاضر بمسؤولياته، إن بداية بناء الهوية الجماعية تأتى من الولاء والانتماء للوطن، حيث يعد هذا الانتماء هو الدافع للمشاركة والتشارك وخلق المتشابهات من أجل الوطن.
لابد من أسس ثقافة شاملة، كمشروع قومى للدولة من أجل بناء هوية جماعية تتوافق مع ثقافة متطورة من خلال الطبيعة المجتمعية من عادات وتقاليد المجتمع، وتكون المعرفة والثقافة عماد وعى الفرد هو الذى يقرر الطبيعة والشكل الفكرى للهوية الجماعية، ليكون قادرًا على إدراك التفاعلات المختلفة بين الأفراد من ناحية، وبين الفرد والمجتمع، ومن ناحية أخرى بين المجتمع والدولة، من خلال تلك التفاعلات ينتج سلوك يرضى الهوية الجماعية التى تقدر أن تصل إلى قرار وتكون قادرة على تحمل تكلفة هذا القرار، الذى يكون متوافقًا مع إمكانيات الأكثرية من المجتمع، مما ينتج عنة القدرة على البناء والتنمية والتصدى لكل التوترات والتحديات الخارجية والتغلب على الصعاب الداخلية.
بناءً عليه؛ إن بناء الهوية الجماعية للمجتمع القادر على التصدى للصعاب والتحديات الخارجية والداخلية يعتمد أولًا على الثقافة وبناء الهوية الفردية وهذه مسؤولية الفرد، ومن خلال تلك الهوية والإحساس بالانتماء للوطن يتفاعل الفرد من أجل بناء هوية جماعية مشتركة، تكون متوافقة مع أغلبية المجتمع، تلك الهوية الجماعية هى التى تكون قادرة على تحديد نظام الدولة وطرق إدارتها وتحدد الطبيعة الاقتصادية المتلائمة مع الهوية الجماعية، ومن خلال ذلك تستطيع تلك الهوية الجماعية الدفاع والتصدى والتغلب على كل الصعاب التى تواجهها الدولة سواء الداخلية أو الخارجية التى تفرضها البيئة الدولية، وتكون قادرة على تغيير تلك الصعاب لمصلحة الدولة، وبناء المستقبل وبناء الجمهورية الجديدة بما يتناسب مع أغلبية المجتمع.
لذا وجب علينا حماية مكتسبات ثورة 30يونيو، وحماية الدولة المصرية، عن طريق مساندة ودعم النظام السياسي المصري، إن الحياد خيانة والسلبية خيانة، لكل شهداء الوطن من الجيش والشرطة، فهم من ضحوا من أجل عزة وكرامة الوطن، فلولاهم ما كنا – تحية عرفان بالجميل لشهداء الوطن – تحيا مصر بشهدائها الأبرار.