في زمن يتسابق فيه الشباب وراء محتوى الترفيه الخفيف، اختارت روان المهدي أن تسلك طريقًا مختلفًا، طريق العلم والمعرفة. هي ابنة مدينة الإسكندرية، وخريجة كلية العلوم بجامعة الإسكندرية، وحاصلة على ماجستير في إدارة التغيرات المناخية، وناشرة لأبحاث في مجال Blue Carbon، لكنها لم تكتفِ بالمجال الأكاديمي، بل قررت أن تحول هذا العلم الجاف إلى قصص شيقة تصل لكل بيت.
منذ عام 2017، أطلقت روان رحلتها في صناعة المحتوى، ومع مرور السنوات، أصبح رصيدها يقترب من 1000 فيديو، حصدت من خلالها أكثر من مليون متابع على منصات التواصل المختلفة، وملايين المشاهدات التي جعلتها واحدة من أبرز الأصوات العربية في تبسيط العلوم والثقافة.
العلم في صورة قصة
تعتمد روان على أسلوبها المميز في الشرح؛ فهي تغطي أحداثًا مناخية كبرى مثل الأعاصير والعواصف والفيضانات، وأحداثًا جيولوجية مثل البراكين والزلازل، وتبسطها بلغة سهلة وقريبة من الناس. لكن أكثر ما يميزها هو محتواها عن الحيوانات المنقرضة وربط قصص انقراضها بما يحدث اليوم من تغيرات بيئية، وهو ما جذب الأطفال بشكل خاص، حتى أن كلية العلوم استضافتها لتقديم جلسات للأطفال عن الديناصورات، كما شاركت في مدارس خلال اليوم العالمي للكوارث لتوعية الصغار بمخاطر التغير المناخي وإلهامهم بأنهم "أمل الكوكب".
ممثلة على المسرح وأمام الكاميرا
موهبة روان لا تتوقف عند العلم فقط، فهي أيضًا ممثلة مسرحية، ومعتمدة من الإذاعة والتليفزيون. هذه الخلفية الفنية انعكست على أدائها أمام الكاميرا، فجعلتها قادرة على استخدام نبرات صوت مختلفة وأسلوب حكي جذاب يمزج بين المعلومة والمتعة، فيشعر المشاهد وكأنه في رحلة مشوقة وليست محاضرة علمية.
اعتراف عربي ودولي
لم يقتصر تأثير روان على المنصات الرقمية، بل حظيت بتقدير محلي ودولي. ففي عام 2022 تم اختيارها ضمن منحة المليونير العربي القادم في دبي كواحدة من أفضل 200 صانع محتوى في الوطن العربي. كما تم اختيار مشروعها حول نشر ثقافة التغير المناخي للأطفال عبر فيديوهات ترفيهية ضمن أفضل المشاريع في حوض البحر المتوسط، وهو ما قادها للسفر إلى اليونان لتقديم جلسات عن المشروع.
إلى جانب ذلك، شاركت روان في تأسيس منظمة CAMCAN NGO التي تهدف إلى مساعدة المهاجرين المتضررين من التغيرات المناخية، وكانت من بين منظمي مؤتمر COP27 في شرم الشيخ، حيث تم تكريمها من وزارة التضامن الاجتماعي ومنظمة UNFCCC كواحدة من أكفأ 6 قادة في تنظيم المؤتمر.
أعمال مؤثرة
قدمت روان فيلمًا وثائقيًا عن مدينة الإسكندرية، استعرضت فيه تاريخ المدينة منذ أن كانت مجرد رمال وحتى عصرنا الحالي، وقد نال الفيلم إشادة واسعة من عالم الآثار الشهير الدكتور زاهي حواس. كما تم اختيارها ضمن فريق TeamWater بقيادة صانع المحتوى العالمي MrBeast، للترويج لأكبر حملة تبرعات لإيصال مياه نظيفة إلى 2 مليون إنسان.
حضور إعلامي قوي
لم يقتصر ظهورها على الإنترنت فقط؛ فقد أجرت معها القناة الأولى والقناة الخامسة وقناة النهار لقاءات تليفزيونية، إلى جانب حوار خاص في بودكاست بدبي، لتصبح رسالتها العلمية تصل عبر مختلف المنابر.
أثرها الإنساني
بالنسبة لروان، أكثر اللحظات التي تلمس قلبها ليست المشاهدات العالية أو التكريمات، بل عندما تقابل أمًا تقول لها: "أولادي ما بيتفرجوش على التيك توك غير عليكي". هذه اللحظة، كما تصفها، تساوي عندها كل الجوائز، لأنها ترى أن تأثيرها الحقيقي يكمن في الأجيال القادمة.
طموحات لا تتوقف
رغم كل هذه الإنجازات، تواصل روان البحث عن الجديد. فهي تسافر باستمرار وتتعلم من تجارب صناع المحتوى الآخرين، وتشارك سنويًا في One Billion Summit لصناع المحتوى، ساعية إلى تطوير أدواتها وتوسيع رؤيتها. وتخطط لإطلاق محتوى جديد يركز على مجالات الأعمال والاقتصاد والعلامات التجارية، إلى جانب استمرارها في تبسيط العلوم والتاريخ.
رسالة روان
تقول روان: "في ظل الظروف الحالية من محاربة العلم والتشكيك فيه ،لازم العلميين يدافعوا عنه و يغرسوا الصح في عقول الاطفال لانهم منارة المستقبل"